مراحل تطور الفنان جون ويليام ووترهاوس

الفنان جون ويليام ووترهاوس، تعتبر اعماله الفنية بمثابة شهادة على قوة الخيال والجاذبية الدائمة للأساطير. اشهر اللوحات العالمية روائع ووترهاوس.

جون ويليام ووترهاوس (1849-1917) وهو فنانًا فيكتوريًا نموذجيًا. تخيل طفولة تغمرها أضواء روما الذهبية، حيث ترددت همسات الأساطير القديمة عبر الآثار المتهدمة. كان هذا هو العالم الذي تشكلت فيه طفولة ووترهاوس، وهو فنان أصبحت لوحاته مرادفة لعالم الأساطير الساحر. يتعمق هذا المقال في حياة ووترهاوس ورحلته الفنية، ويستكشف السياق الاجتماعي والثقافي الذي غذى عمله، وتقنياته البارعة، والموضوعات الفنية التي ابدعهاطوال حياته المهنية.

جون ويليام ووترهاوس

من الجذور الرومانية إلى الفن الفيكتوري

ولد ووترهاوس في روما عام 1849، محاطًا ببقايا الإمبراطورية الرومانية، كانت سنواته الأولى غارقة في نسيج غني من التاريخ الكلاسيكي والأساطير. اصبج الشاب جون يرسم الكولوسيوم أو البانثيون، وقد اشتعلت مخيلته بحكايات اسطورية رومانية قديمة . هذا التعرض لروايات الماضي الخيالية من شأنه أن يترك علامة لا تمحى على روحه الفنية.

في عام 1854، انتقلت العائلة إلى إنجلترا، لكن بذور الأساطير الكلاسيكية كانت مزروعة بقوة. سعى ووترهاوس في البداية إلى ممارسة مهنة النحت، ولكن بحلول عام 1874، كان قد تحول إلى الرسم. لقد وفر العصر الفيكتوري، بتركيزه على الدروس الأخلاقية المستوحاة من الروايات التاريخية، أرضًا خصبة لرؤية ووترهاوس الفنية. وجدت الطبقة الوسطى المتنامية، المتعطشة للفن الذي يقدم الجمال والهروب من الواقع، نفسها مفتونة بتصويره النابض بالحياة للشخصيات والقصص الأسطورية.

Remorso de Nero: John William Waterhouse

لوحة  "ندم الإمبراطور نيرون بعد مقتل والدته": (Remorso de Nero John William Waterhouse) 1878، زيت على قماش. 94 × 167 سم.

ما هي مراحل التطور الفني لجون ويليام ووترهاوس؟

على الرغم من عدم وجود تحليل واضح ومفصل للتطور الفني لجون ويليام ووترهاوس، إلا أنه يمكننا تحديد بعض التحولات والمؤثرات الرئيسية طوال حياته المهنية:

التأثيرات المبكرة (1849 - 1870):

• الجذور الرومانية: ولد ونشأ في روما حتى عام 1854، وكان متأثراً بحضارة الإمبراطورية الرومانية. أثر هذا التعرض المبكر للفن الكلاسيكي والأساطير بعمق على اختياراته في المواضيع الفنية.

• التأثر بفن النحت: في البداية، واصل ووترهاوس مسيرته المهنية في النحت، مما صقل فهمه للشكل والتكوين والكتلة بشكل جيد.

مهنة الرسم المبكرة (سبعينيات القرن 19 - منتصف ثمانينيات القرن 19):

• السياق الفيكتوري: برز عمل ووترهاوس كفنان خلال العصر الفيكتوري، وعكس السياق الاجتماعي والاقتصادي. لقد استغل رغبة الطبقة الوسطى المتنامية في الهروب من الواقع واهتمامهم بالروايات التاريخية والأخلاقية.

• تأثير ما قبل الرفائيلية: أثرت جماعة ما قبل الرفائيلية، المعروفة باهتمامها الدقيق بالتفاصيل والتركيز على موضوعات العصور الوسطى، بشكل كبير على أعمال جون ويليام ووترهاوس المبكرة. لقد شاركوا أيضًا في اعجابهم بأساطير آرثر، والتي أصبحت موضوعًا متكررًا في لوحاته.

• التجارب المبكرة: شهدت هذه الفترة تجربة ووترهاوس لأنماط وموضوعات مختلفة. لقد استكشف المشاهد التاريخية والصور الشخصية وحتى اللوحات الفنية قبل أن يتبنى الأساطير بالكامل كموضوع أساسي له.

النضج الفني (منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر - 1917):

• الموضوع الأسطوري: بحلول منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر، كان الفنان جون ويليام ووترهاوس قد أثبت نفسه كرسام رائد للمشاهد الأسطورية. أدى استخدامه المتقن للون والضوء والتكوين إلى إحياء هذه الروايات الخيالية بجمال ساحر.

• التطور الفني: واصل ووترهاوس تحسين أسلوبه الفني طوال حياته المهنية. أصبحت فرشاته أكثر ثقة، وألوانه أكثر حيوية، واستخدامه للضوء والظل أكثر دراماتيكية.

• العمق العاطفي: في حين أن لوحات ووترهاوس مذهلة بصريًا، فإنها تستكشف أيضًا المشاعر المعقدة. فهو يصور بطلاته، اللاتي غالبًا ما يقعن في مشاهد درامية، بعمق يتردد صداه مع المشاهدين.

A Tale from the Decameron 1916

من المهم أن نتذكر أن التطور الفني نادرًا ما يكون خطً مستقيماًا. ربما يكون ووترهاوس قد أعاد النظر في موضوعات سابقة أو جرب تقنيات جديدة طوال حياته المهنية. ومع ذلك، فإن الفكرة الرئيسية هي التحول من التجارب الفنية المبكرة إلى التركيز الناضج على الأساطير، إلى جانب التحسين المستمر لأسلوبه الفني وزيادة التركيز على العمق العاطفي في عمله.

من النحت إلى التصوير الزيتي: مهنة فنية مزدهرة

لم يكن المسار الفني لـجون ويليام محددًا دائمًا على القماش. في البداية، كان منخرطًا في النحت، ولكن بحلول عام 1870، التحق بالأكاديمية الملكية في لندن، وكان يتطلع إلى أن يصبح رسامًا. كان المشهد الفني الفيكتوري بمثابة بوتقة تنصهر فيها الأساليب، ووجد ووترهاوس نفسه منجذبًا إلى جماعة ما قبل الرفائيلية. هؤلاء الفنانون، المعروفون باهتمامهم الدقيق بالتفاصيل والتركيز على موضوعات العصور الوسطى والأدب، سيكون لهم تأثير كبير.

المشهد الاجتماعي والاقتصادي: عالم في حالة تغير مستمر

ازدهرت مسيرة ووترهاوس المهنية خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وهي الفترة المعروفة باسم العصر الفيكتوري. لقد كان وقت التغيير الاجتماعي والاقتصادي الهائل. لقد بشرت الثورة الصناعية بنشوء طبقة وسطى جديدة ذات شهية متزايدة للفن. ومع ذلك، فإن الحقائق القاسية للتصنيع غذت أيضًا الرغبة في الهروب.

هذا هو المكان الذي تدخلت فيه الأساطير. لم يكن الجمهور الفيكتوري مفتونًا بالحكايات الخيالية فحسب؛ لقد رأوا أيضًا في هذه القصص وسيلة لاستكشاف المشاعر الإنسانية والأخلاق وقوة القدر بطريقة أكثر استعارة. كان لموضوعات الحب والخيانة والصراع ضد القدر صدى عميق معهم. استغل ووترهاوس هذه الرغبة، فصنع لوحات كانت مذهلة بصريًا ومشحونة عاطفيًا.

نسج الأساطير بالضوء واللون: تقنية ووترهاوس الفنية

قم بزيارة أي معرض لأعمال ووترهاوس، وسوف تجد اكبر عرضا للفنون البصرية. لقد كان سيدًا في الألوان، حيث استخدم لوحة ألوان نابضة بالحياة أعادت الحياة إلى مشاهده الأسطورية. في نغمات الالوان التي تتلألأ على أثواب الشخصيات التاريخية، أو اللون الأخضر الزمردي والأزرق الياقوتي الذي يجسد جوهر الغابات المسحورة. كانت ضربات فرشاته دقيقة ولكن تشبه الحلم، حيث التقطت بدقة التفاصيل المعقدة للأقمشة المتدفقة والملامح الدقيقة لكائناته الأسطورية.

لكن عبقريته الحقيقية تكمن في استخدامه البارع للضوء. ابداعة الفني في تقنية تستخدم التناقضات الدرامية بين الضوء والظل. تخيل شخصًا وحيدًا يغمره ضوء ذهبي ناعم، بينما تظل المناظر الطبيعية المحيطة مغطاة بالظل. أدى هذا التفاعل بين الضوء والظل إلى زيادة دراما المشهد، وإضافة عمق عاطفي إلى السرد الأسطوري.

معرض فنون بوك: لاستكشاف روائع John William Waterhouse

يتجلى حب ووترهاوس للأساطير والميثولوجيا في المجموعة الواسعة من اللوحات التي رسمها. فيما يلي بعض أعماله الأكثر شهرة، حيث ينقل كل منها بعداً مختلفاً و إلى زاوية مختلفة من العالم الأسطوري:

جون ويليام ووترهاوس.Circe Offering the Cup to Ulysses (1891)

• سيرس يقدم الكأس لأوليسيس (1891): يصور هذا المشهد الدرامي الساحرة الماكرة سيرس وهي تقدم كأسًا مسمومًا إلى أوديسيوس المرهق. الألوان النابضة بالحياة والأقمشة الملتفة تخلق إحساسًا بالخطر والجاذبية. (الوان زيت على قماش، 162.6 × 106.7 سم، معرض جيلدهول للفنون، لندن).

Ariadne, 1898 by John William Waterhouse 

جون ويليام ووترهاوس. Hylas and the Nymphs

• Hylas and the Nymphs (1896): هذه اللوحة الجميلة تلتقط اللحظة التي يتم فيها إغراء البطل الشاب "Hylas" بعيدًا عن طريق الحوريات المرحة. تنقل المساحات الخضراء المورقة والمياه المتلألئة إحساسًا بالسحر، بينما تشير يد "هيلاس" الممدودة إلى الخطر الذي ينتظره . (الوان زيت على قماش، 163.8 × 106.7 سم، معرض مانشستر للفنون، مانشستر).

جون ويليام ووترهاوس. Nymphs Finding the Head of Orpheus

الحوريات تجد رأس أورفيوس (1900): الوان زيت على قماش، 149 سم × 99 سم.

تراث من السحر: الجاذبية الدائمة لواترهاوس

تستمر لوحات ووترهاوس في الحصول على صدى لدى الجماهير اليوم. لماذا؟ ربما تكون هذه هي الجودة الخالدة للأساطير التي اكتشفها. إن قصص الحب والخيانة والصراع ضد القدر هذه لا تزال ذات صلةبالحياة المعاصرة كما كانت في إنجلترا الفيكتورية. ربما يكون هذا هو الجمال المطلق وفنية لوحاته. إن استخدامه المتقن للضوء واللون والتكوين يخلق إحساسًا بالعجب والهروب من الواقع و الذي لا يفشل أبدًا في أسر المشاهدين.

تعتبر رحلة جون ويليام ووترهاوس الفنية بمثابة شهادة على قوة الخيال والجاذبية الدائمة للأساطير. لقد نقل المشاهدين إلى عالم من الآلهة والإلهات، والأبطال والبطلات، وبذلك، خلق إرثًا من الجمال الذي لا يزال يلهم الفنانين.

مواضيع مهمه

أشهر الفنانين